أغنية الصداقة
لم يكن يعلم ذلك القط أن اللحم التي عثر عليها قبل قليل سيسيل لها لعاب كلب الحارة الشرس، والذي ما غن لمحها بين فكيه حتى راح يطارده في كل شوارع وأزقة الحارة حتى تمكن من محاصرته فوق دجار مرتفع.. وعندما لم يتمكن من الصعود إليه اشتد نباحه وغصبه. وصادف أن كان يسكن في حجر بأسفل الجدار فأر لم يستطع أن يقاوم فضوله لمعرفة ما يجري في الزقاق قريباً من مدخل جحره.. فأطل برأسه في حذر، فرأى الكلب ينبح ويحاول الوثب على القط المحاصر فوق الجدار... فخطرت له فكرة طارئه ابتغى من ورائها أن ينال رضى القط ويحصل منه على الأمان...!! فلا يعود يهاجمه أو يتعرض له...! قال الفأر للقط المحاصر فوق الجدار: - لقد صعب حالك يا صديقي علي، ففكرت في حيلة عاجلة تبعد هذا الكلب عنك، وتحررك من الوقوع بين براثنه اللعينة...! فالصديق في وقت الضيق ولا يعرف المرء إلا في الشدة!! وسمع الكلب ما قاله الفأر، فقال يسخر منه: - أرني أيها الفأر المغرور ما انت فاعل من أجله... وما كا الكلب ينهي كلامه الساخر حتى فوجيء بالفأر " يعفر" التراب في عينيه ويقهقه ضاحكاً: - ها أنا أريتك ما انا فاعلٌ من أجله...! ومن العار أن يستمر نباحك بعد هذا الذي حصل لك!! وتمكن التراب من عيني الكلب... فلم يعد يرى طريقه واعترف بهزيمته، إلا أنه مضى وهو يتوعد الإثنين!: - حسن أيها الفأر المحتال، فلا بد أن نلتقي ثانية.. أخبر صديقك القط بذلك أيضاً. لم يعره الفأر اهتماماً وشرع يعبر عن فرحته بالغناء والرقص، فقد أحسّ بالأمان لأول مرة... وقال لنفسه: - سنصبح أنا والقط صديقين حميمين! وسيعمل على حمايتي من بقية القطط وتابع الفأر رقصه وغناءه على سمع وبصر القط الذي سارع بالنزول عن الجدار وشرع يشاركه فرحته بالرقص والغناء!.. وفجأة ضحك القط بصوت عال ثم ابتسم ابتسامة عريضة جعلت الفأر يزداد إحساساً بالأمان وقد تلاشت منه مشاعر الخوف المتراكمة من هذا القط " الصديق"!! فراح يردد على سمعه أغنية تتحدث عن صداقة الفأر والقط!! في محاولة منه لتدعيم صداقته له.. إلا أن شهية القط ترحكت..! ورأسى الفأر المسكين لسان صديقه بتجول خارج فمه في حركة تنم عما يدور في رأسه فارتاب وحاول أن يلوذ بالفرار، إلا ان القط كان أسرع منه، فأمسك به وقال له وهو يدسه في فمه الشره: - لن تجد يا صديقي مكانا آمنا أفضل من بطني.. فأقم فيها إلا الأبد.. ولا تخش من وعيد كلب أ, أنياب قط بعد اليوم!! ورد الفأر وهو ينزلق في عتمة جوفه: - كم كنت غبياً عندما أمنت غدر عدوي!! كم كنت غبياً.. كم كنـ...